بروكار برس – درعا - فريد أحمد
لا يستطيع "زهير. س" العثور على احتياجات "ملحمته" من الخراف، والأغنام بكل يسر وسهولة، كما كان يفعل سابقاً.
ويقول الثلاثيني الذي يعمل جزارا في الريف الغربي "كنت قبل عدة أشهر اركب دراجتي النارية، وفي دقائق معدودة، احضر خروفاً أو نعجة، لذبحها في محلي الذي اعتاش منه "مشيراً إلى انه بات الآن، يمضي ساعات طويلة في البحث عن رأس غنم واحد، لدى التجار والمربين في القرى والبلدات المجاورة، دون العثور على ضالته.
ويشير زهير إلى أن محافظة درعا تشهد منذ بداية العام الحالي، تراجعاً واضحاً في أعداد الثروة الحيوانية؛ نتيجة الاستنزاف المتواصل لها من قبل التجار والمهربين، الذين دأبوا على نقلها بأعداد كبيرة إلى خارج المحافظة، وتهريبها إلى الدول المجاورة طلباً للربح.
وقال: إن "رأس الغنم في دول الجوار يباع بثلاثة أضعاف سعره في سورية" مشيراً إلى أن سعر الخروف يصل إلى مابين 250 و300 دولار أمريكي، في الأردن، ولبنان، والعراق، فيما لا يتجاوز سعره في سورية وحسب وزنه أكثر، من 70 ألف ليرة سورية(الدولار بحدود 665 ليرة)".
ويشير مربون ومزارعون من المحافظة إلى أن الثروة الحيوانية لا سّيما أغنام "العواس" التي تعدّ من أفضل سلالات الأغنام في العالم، تهرب إلى الأردن’ ولبنان، والعراق، عبر شبكات تهريب كبيرة محمية من النظام.
ولفتوا إلى أن القطعان، تصل إلى الحدود بأعداد كبيرة، في إيحاء بأنها تبحث عن المراعى، لكنها تحت جنح الظلام تعبر إلى دول الجوار بالاتفاق بين المهربين، وبين أزلام النظام من حراس الحدود.
ويقول "يوسف. س" 35 عاما وهو تاجر مواشي، إن "أسعار المواشي ترتفع مع صباح كل يوم؛ بسبب تراجع أعدادها، وزيادة الطلب عليها؛ لتأمين حاجة الأسواق من اللحوم، موضحاً أن سعر كيلو الخروف الحي، ارتفع من 1800 ليرة سورية في بداية العام، إلى 2500 ليرة سورية في الوقت الحالي، فيما ارتفع سعر كيلو العجل الحي والماعز من 1200 ليرة سورية، إلى 1850 ليرة سورية، الأمر الذي تسبب بارتفاع أسعار اللحوم في المحافظة، بنسب تزيد عن 25 في المئة للكغ الواحد.
وأشار إلى أن سعر العجل، وحسب وزنه، يتراوح مابين 400 و800 ألف ليرة سورية، فيما يصل سعر البقرة الحلوب، إلى أكثر من مليون ليرة سورية.
فلاحون ومزارعون، عزوا انخفاض أعداد الثروة الحيوانية في المحافظة وارتفاع أسعارها، إلى إحجام الكثير من المربين عن ممارسة هذه المهنة؛ نظراً لتكاليفها العالية، وارتفاع أسعار الأعلاف، والأدوية البيطرية، وغياب الدعم الحكومي، الذي كان يقدم للمربين في السابق، يضاف إلى ذلك الخسائر الكبيرة، التي تكبدها مربو المواشي؛ بسبب اللجوء والنزوح خلال السنوات الثماني الماضية.
كما عزوا هذا التراجع في عدد القطيع في المحافظة، إلى عمليات النهب الكبيرة، التي تعرضت لها قطعان الماشية، على أيدي قوات النظام خلال الحملة العسكرية الأخيرة في شهري تموز وحزيران من العام الماضي، والتي هدفت إلى استعادة السيطرة على المحافظة.
وفي هذا الصدد أشار "أبو رامي" 50 عاما من ريف درعا الغربي، إلى أن قوات النظام صادرت من درعا آلاف رؤوس الأغنام، والماعز، والبقر وحملتها في سيارات كبيرة، ونقلتها إلى المحافظات الأخرى، لافتاً إلى أن هذا المواشي، تعود للأهالي البسطاء، وكانت تشكل مصادر دخلهم الوحيدة.
وقال: "كنت املك أكثر من 500 رأس من الغنم، والماعز، وثلاث بقرات كلها تم نهبها وبيعها في مناطق النظام بأسعار بخسة، بأقل بكثير من أسعارها الحقيقية، موضحا أن خسائره تجاوزت 70 مليون ليرة سورية "
أسعار اللحوم الحمراء ترتفع بالتوازي مع أسعار الماشية
إلى ذلك شهدت أسعار اللحوم الحمراء، ارتفاعاً كبيراً بالتوازي مع ارتفاع أسعار الماشية، الأمر الذي تسبب؛ بتراجع الإقبال على استهلاك اللحوم نظرا لارتفاع أسعارها.
وأشارت مصادر من مناطق المحافظة المختلفة، إلى أن سعر كيلو لحم الخروف، ارتفع بالريف من 3500 ليرة سورية، إلى 4200 ليرة سورية، فيما ارتفع سعره في المدينة إلى أكثر من 6000 ليرة سورية، أما أسعار لحم البقر فقد وصل الكيلو منها إلى أكثر من 4500 ليرة سورية للعجل و4000 ليرة سورية للبقرات.
ومعلوم أن نسبة كبيرة من أهالي محافظة درعا، كانت تعتمد على تربية الحيوان كمصدر رزق رئيسي، حيث كانت المحافظة تمتلك قبل انطلاق الثورة في العام 2011، أكثر من 46 ألف رأس من الأبقار، ونحو 530 ألف رأس من الأغنام، معظمها من أغنام "العواس" وأكثر من 65 ألف رأس من الماعز، كانت بمجموعها تغطي حاجة المحافظة من الألبان واللحوم، وتصدر الفائض إلى المحافظات الأخرى، لكن خلال سنوات الثورة، تراجع هذا العدد بشكل كبير.