بروكار برس -دمشق- رنيم علي
يعاني المواطنون في مناطق دمشق وريفها أزمة خانقة تتمثل في زيادة ساعات التقنين الكهربائي فضلاَ عن الانقطاعات العشوائية وغير المنتظمة في التيار، في ظل الطقس البارد، مع انعدام العدالة في التقنين، رغم وعود مسؤولي النظام بتحسن وضع الكهرباء.
وعبّر أغلب المواطنين لـ"بروكار برس" عن سخطهم من سوء وضع الكهرباء، حيث تصل مدة الانقطاعات يومياَ في مناطق دمشق حوالي 8 ساعات (ساعتين قطع 4 ساعات تغذية)، أما في الريف فترتفع ساعات التقنين (3 ساعات قطع 3 ساعات تغذية)، فيما باتت مناطق أخرى -لا سيما المناطق العشوائية بالريف- غارقة في الظلام.
وانتقد المواطنون عشوائية الانقطاعات وعدم انتظامها في العديد من الأحياء، فعلى سبيل المثال تقطع الكهرباء مدة 5 أو 7 ساعات متواصلة، لتأتي ساعة ثم يعاود الانقطاع، أو ينقطع التيار ساعات في مناطق أخرى ثم تأتي الكهرباء مدة دقائق، ليعاود الانقطاع مجدداَ، من دون أي مبررات أو شرح لأسباب الفوضى والاستهتار .
وبدأت وزارة الكهرباء بتطبيق مبدأ التقنين في دمشق ويفها منذ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، مشيرة إلى أن ساعات التقنين ترتبط بكمية الطاقة المولدة والمستجرة، ففي حال اعتماد نسبة كبيرة من المواطنين على الطاقة الكهربائية للتدفئة سيكون هناك حكماً ساعات تقنين.
وقبيل البدء بتطبيق برنامج التقنين، دعت وزارة الكهرباء المواطنين إلى ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، من خلال حملة أطلقتها عبر صفحتها على الفيسبوك "رشدها بتدوم"، هذه الحملة التي تحولت إلى مادة للسخرية أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي، واعتبر غالبية المواطنين أن الحملة تمهّد لزيادة التقنين.
(أم احمد) مقيمة في دمشق أبدت لـ"بروكار برس" تذمرها من الأزمة الراهنة، مبينة أن غالبية المواطنين أصبحوا يعتمدون على المولدات والبطاريات التي تمكنهم من تشغيل الأنوار والانترنت وشحن بعض الأجهزة الضرورية، إلا أن هذه البطاريات بالمجمل لاتصمد سوى 3 ساعات في أقصى حد، لأنها بحاجة للشحن من جديد.
من جانبها، وصفت سارة مقيمة في ريف دمشق، وضع الكهرباء بـ"المزري"، مبينة أن انقطاع الكهرباء بشكل مفاجئ وعشوائي تسبب في حدوث أضرار طاولت بعض الأجهزة الكهربائية في منزلها، وهذا ما زاد من عبء تكاليف إصلاح الأضرار بعد تعطل الأجهزة بشكل مفاجئ.
وحاول العديد من المواطنين إرسال شكاوي أو إجراء اتصالات بقسم الطوارئ أو مؤسسات الكهرباء للاستفسار عن وضع الكهرباء لكن الردود كانت سلبية على حد تعبيرهم، وسط مخاوف من ازدياد الأزمة وبخاصة أن موجة البرد الفعلية لم تبدأ بعد .
تفاقم أزمة الكهرباء حول حياة السوريين إلى "جحيم"، فالكهرباء تعد من الأمور الضرورية التي لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها، لا سيما في فصل الشتاء، حيث يكون اعتماده بشكل أساسي على وسائل التدفئة عن طريق الكهرباء، وسط ارتفاع أسعار المازوت والتي لا تتناسب مع الأجور الشهرية المتدنية للمواطن.
ودعا المواطنون وزارة الكهرباء إلى الاهتمام بالموضوع ومعالجة المسألة، حيث طالبوا بإلغاء التقنين المسائي من الساعة 5 حتى 12 ليلاَ رأفة بالأطفال وطلاب المدارس والمسنين الذي يعانون البرد القارس وبخاصة في المرتفعات كالقلمون وبلودان والزبداني.
تبريرات معروفة
انقطاع الكهرباء سنوياَ وبخاصة في (الصيف والشتاء) أصبح من الطقوس المعروفة، مع التبريرات الحكومية المتكررة المتعلقة بزيادة الاستهلاك والاستجرار الكبير ، والأعطال والأضرار التي أصابت الشبكات والمحطات الكهربائية والعقوبات والحصار المفروض على سوريا، مع وعود بتحسن الأزمة، إلا أن كل هذه التبريرات قوبلت باستهجان كبير من قبل المواطنين.
ويصف المواطنون تبريرات وزارة الكهرباء بـ"الكاذبة"، باعتبار تصريحات النظام كانت تشير سابقا إلى تحسن واقع الكهرباء بسبب تأمين الفيول اللازم لعمل محطات التوليد، وتنفيذ مشروعات تساهم في استقرار التغذية الكهربائية والتعاون مع (الدول الصديقة) على إنشاء محطات توليد كهربائية.
حلول عديدة تم طرحها للتخفيف من عبء الأزمة، إما تخفيف ساعات التقنين، أو دعم مادة المازوت مع خفض سعره وزيادة الكميات المخصصة للمواطنين عبر البطاقة الذاكية، إذ إن الكميات المخصصة لا تكفي المواطنين لمكافحة البرد القارس والثلوج، خصوصا في المرتفعات.
ولا تكمن المشكلة بانقطاع التيار الكهربائي فقط، بل بفواتير الكهرباء المرهقة، للمواطنين المستهلكين، بالرغم من انقطاع التيار الكهربائي يومياَ لعدة ساعات.
ولا بد من الإشارة إلى التصريحات الحكومية السابقة في ما يخص تزويد النظام السوري لبنان بالكهرباء من أجل "تأمين موارد مالية"، الأمر الذي أثار موجة سخط من قبل السوريين باعتبار هذا الأمر ساهم على حد تعبيرهم في تفاقم أزمة الكهرباء في سوريا.
وكان قطاع الكهرباء في سوريا مر بظروف وتحديات خلال السنوات السابقة، بالإضافة لنقص مادتي الفيول والغاز المساعد على توليد الطاقة الكهربائية.
وقدرت خسائر قطاع الكهرباء في البلاد منذ عام 2011، بما لا يقل عن 4 مليارات دولار، بحسب ما ذكرته وزارة الكهرباء في النظام خلال هذا العام الجاري، مشيرة إلى أن 70% من محطات التحويل وخطوط نقل الفيول، متوقفة .
